13‏/12‏/2007

كتب اليهود المقدسه


كتب اليهود المقدسه
التوراة وما يتبعها من أسفار الأنبياء المقدسة عند اليهود، وهذا القسم يسميه اليهود بعدة أسماء منها:1- أهمها وأشهرها (التناخ) ويكتبونها بالعبرية (ت،ن،ك) وهي حروف اختصار من الألفاظ (توراة)، نبوئيم (الأنبياء)، كتوبيم (الكتب) وهي الأجزاء الثلاثة الكبيرة التي يتألف منها العهد القديم كما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.2- (المقرا) ومعناه: النص المقروء، لأنهم مطالبون بقراءته في عباداتهم والرجوع إلى الأحكام الشرعية فيها التي تنظم حياتهم.3- (المِسُورَه) أو (المِسُورِتْ) وهو عندهم صفة علمية خاصة، يعنون بذلك النص المقدس المروي عن الأسلاف رواية متواترة -على حد زعمهم- ارتضتها أجيال العلماء ورفضت ما عداها().الثاني :
التلمود : الذي يعتبره اليهود مصدراً من مصادر التشريع اليهودي ومن أسفارهم المقدسة لديهم ، ويتكون من جزئين أحدهما يسمى المِشْنا أو المشْنَة، والثاني الجمارا أو الجمارة.وهناك أسفار أخرى كثيرة عند اليهود لم تدخل ضمن الأسفار القانونية التي يتكوّن منها كتاب اليهود المقدس، وإن كانوا يحيطون تلك الأسفار الغير معترف بها -ويسمونها بـ(الكتب غير القانونية) أو (الأبوكريفا)- بكثير من العناية والاهتمام ويجعلونها استمراراً لتاريخهم.وسوف نبدأ الحديث -إن شاء الله تعالى- بشيء من التفصيل عن القسم الأول عرضاً ونقداً ثم نتلوه بالقسم الثاني.فأما القسم الأول : فإنه يندرج تحت ما يسمّى بـ ( الكتاب المقدس ) The Bible الذي يبذل النصارى جهوداً جبارة وخبيثة في سبيل ترجمته بمختلف اللغات واللهجات ونشره وتوزيعه في جميع أنحاء العالم.وهذا الكتاب المزعوم بأنه مقدس ينقسم إلى قسمين رئيسين هما:الأول:
يسمى (العهد القديم() أو العتيق) Old Testament ويحتوي على الأسفار المنسوبة إلى موسى والأنبياء من بعده الذين كانوا قبل عيسى عليهم الصلاة والسلام.الثاني :
يسمى (العهد الجديد) New Testament ويحتوي على الأناجيل وما يتبعها من الأسفار المنسوبة إلى الحواريين وتلامذتهم.وهذا التقسيم والتسمية من النصارى الذين يقدسون العهد القديم والجديد، ومجموعهما هو الكتاب المقدس عندهم، ويعتقدونه وحياً كُتب بإلهام من الروح القدس لمؤلفيها.أما اليهود فإنهم لا يقدسون إلا العهد القديم فقط، وهو الكتاب المقدس عندهم، ولا يعترفون بالعهد الجديد ويكفرون به لكفرهم بالمسيح عليه الصلاة والسلام وقولهم بأنهم قتلوه وصلبوه، لذلك سوف تتركز دراستنا في هذا البحث على العهد القديم أو ما يسميه اليهود بـ(التناخ، أو المقرا، أو المسورت) ويشتمل على ستة وثلاثين سفراً يقسمه اليهود باعتبار محتوياته إلى ثلاثة أقسام رئيسة .ومما يجدر التنبيه إليه أن اليهود والنصارى قد وضعوا مصطلحات خاصة بكتبهم المقدسة لديهم ليسهل عليهم الوقوف والرجوع إلى نصوصها ، ومن تلك المصطلحات :السفر : ويعني ( الكتاب أو الباب ) ، وجمعه أسفار ، وله عنوان أو مسمى، فيقال مثلاً : سفر التكوين ، سفر أرميا ونحوه .الإصحاح : ويعني ( الفَصْل ) ، حيث إن السفر يشتمل على عدّة إصحاحات ، ولكل إصحاح رقم ، فيقال مثلاً : الإصحاح الأول ، الإصحاح الثاني ، وهكذا . وقد يرمز للإصحاح بالرمز ( صح ) .الفقرة : وتعني ( العبارة أو النص ) ، فالإصحاح الواحد يحتوي على عدة فقرات أو نصوص مرقّمة .كما تختصر تلك المصطلحات في عدة رموز ، مثاله :( تك 7/21-35 ) ، ومعناه سفر التكوين ، الإصحاح السابع ، الفقرات من الفقرة الحادية والعشرين إلى الفقرة الخامسة والثلاثين .تقسيم اليهود لأسفارهم المقدسة (العهد القديم) بحسب محتوياته :(1) التوراة: ويشتمل على خمسة أسفار هي: 1- سفر التكوين (50 إصحاحاً)2- سفر الخروج (40 إصحاحاً) 3- سفر اللاويين (27 إصحاحاً)4- العدد (36 إصحاحاً)5- التثنية (34 إصحاحاً)(2) الكتب (كتب الحكمة): وتشتمل على الأسفار الآتية:1- مزامير داود (150 مزموراً) 2- أمثال سليمان (31 إصحاحاً)3- سفر أيوب (42 إصحاحاً) 4- نشيد الأناشيد (8 إصحاحات)5- سفر روث (راعوث) (4 إصحاحات)6- مراثي أرميا (5 إصحاحات) 7- سفر الجامعة (12 إصحاحاً)8- سفر إستير (10 إصحاحات) 9- سفر دانيال (12 إصحاحاً)10- سفر عزرا (10 إصحاحات) 11- سفر نحميا (13 إصحاحاً)12- سفر أخبار الأيام، وينقسم إلى قسمين : أخبار الأيام الأول (29 إصحاحاً) ، أخبار الأيام الثاني (36 إصحاحاً)(3) أسفار الأنبياء :أسفار الأنبياء الأول (المتقدمين) وهي: أسفار الأنبياء الأُخر (المتأخرون) وهي:1- سفر يشوع (يوشع بن نون) (24 إصحاحاً) 2- سفر أشعيا (66 إصحاحاً) 3- سفر ارميا (52 إصحاحاً)4- سفر القضاة (21 إصحاحاً) 5- سفر حزقيال (48 إصحاحاً)6- سفر صموئيل الأول (31 إصحاحاً) سفر صموئيل الثاني (24 إصحاحاً) 7- أسفار الأنبياء الصغار أو الاثني عشر نبياً وهي: 1/ سفر هوشع (14إصحاحاً) 2/سفر يوئيل (3 إصحاحات)8- سفر الملوك الأول (22 إصحاحاً) سفر الملوك الثاني (25 إصحاحاً) 3/ سفر عاموس (9إصحاحات) 4/ سفر عوبديا (إصحاح واحد) 5/ سفر يونان (4 إصحاحات) 6/ سفر ميخا (7 إصحاحات) 7/ سفر ناحوم (3 إصحاحات) 8/ سفر حبقوق (3 إصحاحات) 9/ سفر صفنيا (3 إصحاحات) 10/ سفر حجاي (إصحاحان) 11/سفر زكريا (14 إصحاحاً) 12/ سفر ملاخي (4 إصحاحات)محتويات هذه الاسفار
القسم الأول : التوراة : في اللغة : كلمة عبرانية بمعنى الشريعة والتعليم ، وتسمى بكتب موسى أو الأسفار الخمسة أو الناموس ( ومعناه القانون ) أو البنتاتيك Pentateuch (وهي كلمة يونانية تعني الأسفار الخمسة ) ().وأما في اصطلاح اليهود والنصارى : فالتوراة هي الأسفار الخمسة (التكوين ، الخروج ، اللاويين ، العدد ، التثنية ) التي كتبها موسى عليه الصلاة والسلام .وأما في اصطلاح المسلمين: فالتوراة() هي الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على رسوله موسى عليه الصلاة والسلام فيه الهدى والنور للناس، ولكن اليهود حرّفوه وبدلوه، وقد نسخه الله بالقرآن الكريم المنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين (ز) .محتويات الأسفار الخمسة بإيجاز:1- سفر التكوين: ويقع في (50) إصحاحاً، وفيه قصة خلق العالم وتكوينه، وقصص آدم عليه الصلاة والسلام وذريته ونوح عليه الصلاة والسلام وإبراهيم عليه الصلاة والسلام وذريته، وينتهي باستقرار بني إسرائيل في مصر ووفاة يوسف عليه الصلاة والسلام.2- سفر الخروج: ويقع في (40) إصحاحاً، وفيه قصة موسى عليه الصلاة والسلام وخروجه ببني إسرائيل من مصر، وتاريخ بني إسرائيل في أرض التيه، وفيه الوصايا العشر وطائفة من الأحكام والتشريعات.3- سفر اللاّويين: ويقع في (27) إصحاحاً، شغل معظمه بشئون العبادات وخاصة ما تعلق منها بالأضحية والقرابين والطقوس الكهنوتية التي كانت موكولة إلى سبط لاوي بن يعقوب، ومن ثمّ نسب إليهم.4- سفر العدد: ويقع في (36) إصحاحاً، وقد شغل معظمه بالعدِّ والإحصاء عن قبائل بني إسرائيل وجيوشهم وكثير مما يمكن إحصاؤه من شئونهم، ويتخلل ذلك بعض الأحكام.5- سفر التثنية: ويقع في (34) إصحاحاً، وقد أعيد فيه ذكر الوصايا العشر مرة ثانية، وفيه الأحكام والتشريعات المتنوعة، وينتهي هذا السفر بوفاة موسى عليه الصلاة والسلام ودفنه، وبه تنتهي التوراة.وأسماء هذه الأسفار الخمسة مأخوذة عن نسخة التوراة باللغة اليونانية ، أما في النسخة العبرية للتوراة المعتمدة عند اليهود فإن هذه الأسفار تسمّى بالكلمات التي في بداية كل سفر منها كالآتي :- سفر التكوين ، يسمى ( براشيت ) أي [في البدء] .- وسفر الخروج يسمى (اله شموت) أي [وهذه أسماء].- وسفر اللاويين يسمى (ويقرا) أي [ودعا].- وسفر العدد يسمى (بمدبر) أي [في البرية].- وسفر التثنية يسمى (اله هدبريم) أي [هذا هو الكلام]().القسم الثاني: أسفار الأنبياء، وتنقسم إلى قسمين هما:-(1) أسفار الأنبياء الأول (المتقدمين): وتتضمن تاريخ بني إسرائيل وما جرى لهم من الحوادث منذ دخولهم فلسطين بقيادة يشوع (يوشع) فتى موسى عليهما الصلاة والسلام إلى خروجهم منها في السبي البابلي، ومنها حوادث عهد القضاة وعهد الملوك وعهد انقسام مملكة بني إسرائيل وبناء هيكل سليمان عليه السلام وتدميره في الغزو البابلي، ويتخلل ذلك بعض الوصايا والأحكام والتشريعات.(2)- أسفار الأنبياء الأُخر (المتأخرين): وتتضمن تاريخ بني إسرائيل وتراثهم أثناء فترة السبي البابلي ثم عودة بعضهم إلى فلسطين تحت ظل الحكم الفارسي ثم إعادة بناء هيكل سليمان مرة ثانية، وبها بعض الوصايا والنبؤات والأحكام.القسم الثالث: أسفار الكتب أو كتب الحكمة، وهي مجموعة أسفار يغلب عليها الطابع الأدبي شعراً أو نثراً وبعضها يتضمن تراثاً من القصص والحكم والمواعظ والأدعية، وفيها تمجيد بطولاتهم في الاستقرار بفلسطين.ومن أسفار الكتب سفرا أخبار الأيام الأول والثاني وفيهما تلخيص للوقائع التاريخية الواردة في الأسفار السابقة منذ بدء الخليقة إلى عودة اليهود من السبي البابلي في أيام قورش ملك الفرس (أي بدءاً من أسفار التوراة إلى آخر أسفار الأنبياء الأُخر).ومما تجدر الإشارة إليه أن لليهود أسفاراً مقدسة أخرى تسمى بـ(الأبوكريفا Apocrypha) أي الكتب غير القانونية أو المخفية التي لم تقبل عندما تقرر تسجيل أسفار العهد القديم في وضعها الذي ذكرناه كأجزاء معتمدة من هذا الكتاب المقدس عندهم، ويسميها بعض الباحثين من اليهود (الكتابات الخارجة)، ولكن بأية سلطة وبناء على أي مقياس أخرجت هذه النصوص؟!؟!(( وبعض هذه الأسفار الخفية غير مقدس ولا معتمد في نظر اليهود ، بينما بعضها الآخر مقدس أي معترف بأنه موحى به ومعتمد في نظرهم، ولكن رأى أحبارهم وجوب إخفائه وقرروا أنه لا يجوز أن يقف عليه الجمهور ولا أن يدرج في أسفار العهد القديم ، وإلى هذا يشير الله عز وجل في القرآن الكريم فقال تعالى : وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللّهُ عَلَىَ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً... ()، وإذ يقول : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ كثِيراً مّمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ () ، وإذ يقول : إِنّ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ وَالْهُدَىَ مِن بَعْدِ مَا بَيّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ () ، وإذ يقول : إِنّ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاّ النّارَ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ () .ومن هذا يظهر أن السفر قد يكون خفياً ومقدساً في آن واحد عند اليهود. وفي هذا يختلف الاصطلاح اليهودي بعض الاختلاف في مدلول كلمة ((الخفي)) عن الاصطلاح المسيحي . فالمسيحيون يطلقون كلمة (( الخفي )) apocryphe على كل سفر يرون أنه غير مقدس أي غير موصى به )) () .وهذه النصوص غير القانونية أو الكتابات الخارجة أو الأسفار المخفية هي كالآتي():1- أسفار تاريخية تشمل: سفر أسدراس الأول، سفر المكابيين الأول والثاني، وإضافات إلى سفر دانيال (وهذه الإضافات هي نشيد الثلاثة الفتية المقدسين، وتتمة سفر دانيال، وقصة سوسن العفيفة، وقصة بيل)، وبقية سفر أستير، ورسالة أرميا، وصلاة منسي.2- أسفار قصصية تحوي أساطير وهي: سفر باروخ، وسفر طوبيت، وسفر يهوديت.3- أسفار رُوءوِيَّة: أسدراس الثاني.4- سفران تعليميان وهما: سفر حكمة سليمان، وسفر حكمة يشوع بن سيراخ.

ويعلل اليهود والنصارى فقدان النسخ والسند لكتبهم المقدسة بكثرة حوادث الاضطهاد والنكبات التي نزلت بهم خلال تاريخهم الطويل. ومن تلك الحوادث: الغزو الآشوري عليهم في سنة 722ق.م()، ثم الغزو البابلي الشهير سنة 586ق.م ونتج عنه تدمير الهيكل وأخذ بني إسرائيل سبياً إلى بابل()، ثم الإضطهاد اليوناني ومن بعده الإضطهاد الروماني الذي استمر لعدة قرون()، وقد نتج عن هذه الإضطهادات إحراق أسفارهم وإتلافها ومنع قراءتها وقتل أحبارهم وعلمائهم.ونضيف سبباً آخر مهماً لضياع أسفارهم وانقطاع أسانيدهم هو كثرة حوادث الردة والشرك في بني إسرائيل وكفرهم بالله عز وجل وإهمالهم للتوراة وغيرها ، وهي مذكورة في أسفارهم المقدسة لديهم ومنها ما ورد في سفر القضاة 2/11-15: ( وفعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم وتركوا الرب إله آبائهم الذي أخرجهم من أرض مصر وساروا وراء آلهة أخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرب، تركوا الرب وعبدوا البعل وعشتاروت ، فحمي الرب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم ، حيثما خرجوا كانت يد الرب عليهم للشر كما تكلم الرب وكما أقسم الرب لهم ) .وقد تكررت الردة والشرك بالله من بني إسرائيل مرات عديدة في عهد القضاة() .ثم تكرر ذلك منهم في عهد الملوك ، فقد ورد في سفر الملوك (12/28-33) : ( أن يربعام استشار الملك وعمل عجلي ذهب وقال لهم : كثير عليكم أن تصعدوا إلى أورشليم ، هو ذا آلهتكم يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر ، و وضع واحداً في بيت إيل وجعل الآخر في دان ، وكان هذا الأمر خطية ، وكان الشعب يذهبون إلى أمام أحدهما حتى إلى دان ...) () .وما ذكرناه مما يجعل كل عاقل منصف منهم يرتاب ويشك في صحة نسبة التوراة الحالية إلى موسى وسلامتها من التحريف والتبديل !!!
وكانت تلك الأسباب وغيرها قد دفعت بالكثيرين من محققي اليهود والنصارى إلى الاعتراف بأن أسفار العهد القديم مشكوك في أمر مؤلفيها، وإليك مختصر لما يقوله محرروا طبعة سنة 1971م الإنجليزية من كتابهم المقدس لديهم، وهي آخر طبعة معدّلة من كتابهم وآخر طبعة حتى الآن، يقول المحررون():- سفر التكوين، والخروج، واللاويين، والعدد، والتثنية: مؤلفه موسى على الأغلب.- سفر يشوع: معظمه منسوب إلى يشوع.- سفر القضاة: مؤلفه صموئيل على الاحتمال.- سفر راعوث: مؤلفه غير محدد ولكن ربما يكون صموئيل.- سفر صموئيل الأول: المؤلف مجهول.- سفر صموئيل الثاني: المؤلف مجهول.- سفر الملوك الأول: المؤلف مجهول.- سفر الملوك الثاني: المؤلف مجهول- سفر أخبار الأيام الأول: المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.- سفر أخبار الأيام الثاني، المؤلف مجهول، ولكن ربما جمعه وحرره عزرا.- سفر عزرا: من المحتمل أن عزرا كتبه أو حرره.- سفر أستير: المؤلف مجهول.- سفر المزامير: المؤلف الرئيسي داود، لكن معه آخرون وبعضهم مجهولون.- سفر الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد: المؤلف مجهول، ولكنها عادة تنسب إلى سليمان.- سفر أشعياء: ينسب معظمه إلى أشعيا، ولكن بعضه من المحتمل كتبه آخرون.- سفر يونان: المؤلف مجهول.- سفر حبقون: لا يعرف شيء عن مكان أو زمان ولادته.وبعد هذا الاعتراف منهم فإن الأمر لا يحتاج إلى زيادة تعليق منا.ومن الأدلة أيضاً على عدم الوثوق بالتوراة الحالية ما ورد في سفر الملوك الثاني 22/8-13 في عهد الملك يوشيا من ملوك مملكة يهوذا، أن التوراة قد فقدت وضاعت من بني إسرائيل سنوات عديدة، ثم ادعاء العثور عليها على يد الكاهن في الهيكل ، ولا نسلم لهم بأن التوراة التي عثر عليها هي توراة موسى إذ أن اتهام الكاهن بالتزوير قائم في مسايرته لرغبة الملك في العودة إلى التوحيد بعد ارتداد وكفر من سبقه من آبائه، إضافة إلى أن هذه النسخة من التوراة قد فقدت أيضاً في الغزو البابلي وحوادث الحروب الأخرى. ملاحظة : اختلافات نسخ التوراه جعلت الفيلسوف اليهودي باروخ سبنوزا (ت1677م) يعلن صراحة قوله: من هذه الملاحظات كلها يظهر واضحاً وضوح النهار أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة ، بل كتبها شخص آخر عاش بعد موسى بقرون عديدةأضف إلى ذلك أيضاً اختلاف فرق اليهود في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم، فطائفة السامرة من اليهود لا تعترف إلا بالتوراة الخمسة الأسفار وتنكر ما عداها من الأسفار وتقبل منها سفري يوشع والقضاة باعتبارهما أسفارا تاريخية فقط. ويخالفها جمهور اليهود الذين يقبلون أسفار العهد القديم المذكورة. ويختلف مع اليهود أيضاً طائفة الكاثوليك من النصارى في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم. إن التوراة الحالية ليست نسخة واحدة مجمعاً عليها من اليهود والنصارى، وإنما هي ثلاث نسخ مختلفة: التوراة العبرية، التوراة السامرية، التوراة اليونانية.فالتوراة السامرية تؤمن بها فرقة السامرة من اليهود، والتوراة العبرية يعترف بها جمهور اليهود وفرقة البروتستانت من النصارى، والتوراة اليونانية تعترف بها فرقة الكاثوليك من النصارى، وكل فرقة لا تعترف بالنسخة الأخرى.وتوجد اختلافات جوهرية وتناقضات صريحة بين النسخ الثلاث مثال ذلك:* أن قبلة اليهود ومكان بناء مذبح الرب في التوراة العبرية واليونانية (تثنية 27/4) جبل عيبال بأورشليم (بيت المقدس) ، وفي التوراة السامرية (تثنية 27/4) أن القبلة جبل جريزيم بمدينة نابلس.* ورد أن مجموع الأعمار (الفترة الزمنية) من عهد آدم إلى إبراهيم عليهما الصلاة والسلام في التوراة العبرية يبلغ (2023) سنة، وفي التوراة السامرية يبلغ مجموع الأعمار (2324) سنة، وفي التوراة اليونانية يبلغ (2200) سنة !!التلمـــود- التلمود في اللغة: Talmud كلمة عبرية مستخرجة من كلمة (لامود Lamud) وتعني تعليم أو تعاليم.- وفي الاصطلاح: كتاب تعليم ديانة وآداب اليهود، أو كتاب فقه اليهود، أو الكتاب العقائدي الذي يفسر ويبسط كل معارف اليهود وتعاليمهم().ولم يرد اسم التلمود في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة -فيما أعلم- ولكن أشار القرآن الكريم إليه بقوله تعالى: فَوَيْلٌ لّلّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمّ يَقُولُونَ هَـَذَا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا يَكْسِبُونَ() .ووردت الإشارة إليه أيضا في السنة النبوية المطهرة ، عن أبي موسى قال: قال رسول الله : (( إن بني إسرائيل كتبوا كتاباً فاتبعوه وتركوا التوراة))().وتلك هي حقيقة التلمود وأنه ليس وحياً من الله ، وإنما هو تفاسير وشروحات واجتهادات واستنباطات أحبار اليهود لنصوص التوراة ولأقوال منسوبة مكذوبة على موسى عليه الصلاة والسلام دُوِّنت وجمعت في القرن الثاني الميلادي() - كما سنبينه إن شاء الله تعالى - .أقسام التلمـود :ينقسم التلمود إلى قسمين رئيسين هما : ( المشنا ) و ( الجمارا ) وتعريفهما كالآتي :(1) - المشْنا (المشْنة): ومعناه (التكرار) أو (الشريعة المتكررة)، وهو بمثابة المتن، وهو عبارة عن مجموعة من الشرائع والتقاليد والروايات اليهودية المختلفة المروية على الألسنة لقرون عديدة إلى أن دوّنها الحاخام (يهوذا هاناسئ) في نهاية القرن الثاني بعد الميلاد (200م).ويزعم اليهود بأن تلك الشرائع والروايات قد تلقاها موسى من الله ثم نقلها موسى مشافهة إلى هارون ويوشع واليعازر الذين نقلوها بدورهم إلى الأنبياء الذين نقلوها أيضاً إلى أحبار اليهود علمائهم وتناقله بعد ذلك الأجيال من الأحبار جيلاً بعد جيل عن طريق المشافهة إلى أن جمعها ودوّنها الحاخام (يهوذا هاناسئ)، ولذلك فإن اليهود يسمون المشنة بـ(التوراة الشفوية) أو (الشريعة الشفاهية) وقد كتبت باللغة العبرية().وتنقسم المشنا إلى ستة أقسام كالآتي:1- كتاب (زراعيم) أي البذور أو الإنتاج الزراعي: ويحتوي على (11) فصلاً يتضمن القوانين الدينية الخاصة بالأرض والزراعة، ويبدأ بتحديد الصلوات المفروضة والبركات أو الأدعية.2- كتاب (مُوعد) أي العيد، ويحتوي على (12) فصلاً يتضمن الأحكام الدينية والفرائض الخاصة بالسبت وبقية الأعياد والأيام المقدسة.3- كتاب (ناشيمْ) أي النساء، ويحتوي على (7) فصول، فيه النظم والأحكام الخاصة بالنساء كالزواج والطلاق.4- كتاب (نزيقين) أي الأضرار أو الجنايات، ويحتوي على (10) فصول، ويشتمل على جزء كبير من الشرائع المدنية والجنائية، بما في ذلك القصاص والعقوبات والتعويضات.5- كتاب (قُدَّاشيم) أي المقدسات، ويحتوي على (11) فصلاً، وفيه الشرائع الخاصة بالقرابين وخدمة الهيكل.6- كتاب (طهاروت) أي الطهارة، ويحتوي على (12) فصلاً، يتضمن الأحكام الخاصة بما هو طاهر وما هو نجس، وما هو حلال وما هو حرام من المأكولات والمشروبات وغيرها.وبذلك يكون المشنا مكوّناً من (63) فصلاً، وعندما أكمل الحاخام يهوذا هناسي تقييد المشنا في القرن الثاني الميلادي، فقد تركزت جهود أحبار اليهود على شرحه وتبسيط واستنباط الأحكام منه، ومن تلك الشروحات والحواشي الكثيرة على المشنا تكوّن القسم الثاني من التلمود وهو (الجمارا). الجمارا (الجمارة): ومعناه (التكملة) أو (الإكمال).وهو عبارة عن مجموعة شروحات وتعليقات واستنباطات ومناقشات الأحبار على (المشنا) وأساطير وخرافات وأقوال مروية عن حاخامات اليهود من طائفة الربانيين في موضوعات شتى وعصور مختلفة منذ القرن الثالث الميلادي إلى نهاية القرن الخامس الميلادي. وقد كتبت باللغة الآرامية.والجمارا نوعان : جمارا بابل، وجمارا أورشليم، وهذا التقسيم يرجع إلى اختلاف مركز البحث العلمي والديني لليهود ومكان تمركز أحبارهم.فأما جمارا بابل:- فهو عبارة عن شروحات وحواشي أحبار اليهود على (المشنا) في بابل (العراق) -حيث استمر تجمع اليهود هناك كجالية أجنبية منذ السبي البابلي- من سنة 219 ق.م. إلى سنة 500م.وأما جمارا أورشليم:- فهو عبارة عن شروحات وحواشي أحبار اليهود على (المشنا) في أورشليم (فلسطين) -ممن بقي هناك من فلول اليهود أو ممن جاؤا إليها متسللين- من سنة 219ق.م إلى سنة 759م.وبناءاً على ذلك فقد ظهر تلمودان هما:-الأول: تلمود بابل : وهو مكوّن من (المشنا) و (جمارا بابل) ويسمى أيضاً بالتلمود الشرقي، وهو المتداول بين اليهود والمراد عند الإطلاق.الثاني: تلمود أورشليم: وهو مكوّن من (المشنا) و (جمارا أورشليم). ويسمى أيضا بالتلمود الغربي.ويتميز التلمود البابلي عن الأورشليمي أنه يغطي بشرحه كل نص المشنا (الأقسام أو الكتب الستة)، أما التلمود الأورشليمي فإنه ظل ناقصاً لا يشرح إلا بعض المشنا (الثلاثة كتب الأولى)، كما أن أحبار اليهود في بابل كانوا يحظون بثقة أرسخ من ناحية التبحر في الفكر اليهودي مما كان يحظى به أحبار اليهود في فلسطين. لذلك فإن التلمود البابلي يتمتع بتقدير أعظم في أعين اليهود من التلمود الأورشليمي، وهو المتداول بين اليهود والمراد عند الإطلاق().- طبعات التلمـود :طبع التلمود طبعات كثيرة أهمها الطبعة الأولى الكاملة للتلمود البابلي بمدينة البندقية (فبنيسيا بإيطاليا) في اثنى عشر مجلداً من القطع الكبير من سنة 520م إلى سنة 1523م .وطبع كذلك تلمود أورشليم في مدينة البندقية سنة 1523-1524م في مجلد واحد ضخم() .ولمـا نشر التلمود في طبعته الأولى واطلع عليه النصارى أفزعهم ما فيه من السباب والشتائم ضد المسيح والنصارى وما فيه من العقائد الأخرى الخطيرة، فثاروا ضد اليهود واضطهدوهم، فقرر أحبار اليهود حينئذ تحريف التلمود بأن تترك مكـان الألفاظ المسيئة لمشاعر النصارى على بياض أو تعوض بدائرة بشرط أن هذه التعاليم لا تعلّم إلا في مدارسهم فقط، لذلك جاءت الطبعات التالية للطبعة الأولى ناقصة وفيها تحريفات كثيرة ، يقول محررو دائرة المعارف اليهوديـة العامة: إن أحد أهم الأسباب لعدم بقاء مخطوط كامل(لتلمود بابل) هو التعصب الديني المغالي للمسيحية في العصور الوسطى، الذي دفع الكثيرين إلى إشعـال النـيران -أحياناً- في العربات المحمّلة بالتلمود المطبوع أو المخطوط. ا.هـ().ويجري في إسرائيل إعادة طبع النسخة العبرية الأصلية من تلمود بابل بإشراف الحاخام آدين شتاينز التز ، وسيطبع منها - كما أعلن - ستة آلاف نسخة فقط ، مما يدل على حرص القائمين على الدين اليهودي على المحافظة على سرية التلمود() .- منزلة التلمود عند اليهود:يعتقد جمهور اليهود أن التلمود كتاب مقدس ، ويعتبرونه من مصادر التشريع اليهودي ، وقد ذكرنا فيما سبق أن اليهود يسمون (المشنا) بالتوراة الشفوية وينسبونها إلى موسى عليه السلام. غير أن اليهود قد غلوا في تقديس التلمود أكثر من التوراة نفسها، فقد ورد في التلمود (أولئك الذين يكرسون أنفسهم لقراءة الكتاب المقدس (التوراة) يؤدون فضيلة لا ريب فيها لكنها ليست كبيرة، وأولئك الذين يدرسون المشنا يؤدون فضيلة سوف ينالون المكافأة عليها، لكن أولئك الذين يأخذون على عاتقهم دراسة الجمارة يؤدون فضيلة سامية جداً) ().وورد فيه أيضاً: ( من احتقر أقوال الحاخات استحق الموت أكثر ممن احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط، لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى)().لذلك وصف الله عز وجل اليهود بقوله: اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ وَالمَسِيحَ ابنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهَاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ () .وبقوله تعالى: يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِنّ كَثِيراً مّنَ الأحْبَارِ وَالرّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها في سَبِيلِ الله فَبَشِّرْهُم بِعَذابٍ أَلِيمٍ () .(( والتلمود مجموعة تفاسير وشروح وأخبار وإضافات وأحكام وضعها حكماؤهم وربانييهم والمجتهدون منهم ، وهو كبير الحجم يزيد عن عشرين مجلداً وضعت في عصور مختلفة وأحوال متباينة ، وهو يتألف من المشنة والجمرة ، وذلك أنه لما كثرت التقاليد وتشعبت أطرافها ، وازداد عدد الكتاب والمجتهدين الناظرين في هذه الشريعة وكثرت الأحكام الصادرة من المجامع في الشؤون المختلفة ، قام سمعان بن جاملئيل وتلامذته على تنسيق تلك التقاليد والنظر فيها، فجمعوا ما تيسر لهم جمعه منها ، وعكفوا على غربلته وتبويبه ، وظلّ العمل سائراً كذلك إلى أن أتمه يهوذا اهاناسي ( أعني الرئيس ) وتلامذته نحو سنة 316 ب.م ، فجاء ستة أقسام تحتوي على 63 مبحثاً ، فيها 524 فصلاً ))().كما يعترف شاهين مكاريوس اليهودي بوقوع التحريف حتى في التلمود المختلق ، فقال : (( وأما التلمود البابلي ، فكان الفراغ الأول منه نحو أواخر القرن الخامس ، ولم يمض زمن طويل حتى اعتور التلمود تحريف وأُدخل فيه تقاليد لم تكن هناك ، وأضيف إليه تفاسير وشروح وفتاوى جديدة ، وسبب ذلك أن التلمود لم يكن قد قيّد بعد في الكتب والدفاتر ، فكان تحريفه سهلاً ، ثم إن انتشار اليهود في أنحاء الأرض وكثرة المدارس والجمعيات اليهودية التي نشأت معهم أينما حلّوا ، جعلت فرقاً في أحوالهم بحسب تباين تلك الأحوال ، فكانت الأحكام الصادرة من هذه الجمعيات في المكان الواحد تباين في بعض الأحايين أحكام جمعيات أخرى في مكان آخر ، ولما كثر التحريف والزيادة قام أحد علمائهم المشهورين وعني بتأليف التلمود ثانية بمعونة تلامذته ومريديه وكتبته ، وقضى ستين سنة في التحبير والتحرير والتنقيب والتهذيب ، وجاء بعده غيره فسعى سعيه واقتفى خطواته ، فتمّ بذلك هذا العمل وجاء كتاباً كبيراً كما تقدم الكلام ، وهو بمثابة انسكلوبيذيا كبيرة )) () .ويؤكد لنا ذلك المهتدي السموأل بن يحيى المغربي ( المتوفى سنة 570هـ) - وكان من أحبار اليهود فأسلم - في كتابه ( إفحام اليهود ) في بيانه لحقيقة التلمود بقوله :(( وكانت اليهود في قديم الزمان تُسمي فقهاءها بالحكماء ، وهم الذين يدعون ( الحاخاميم ) ، وكانت لهم في الشام والمدائن مدارس ، وكان لهم ألوف من الفقهاء ، وذلك في زمان دولة النبط البابليين ، والفرس ، ودولة اليونان ، ودولة الروم ، حتى اجتمع الكتابان اللذان اجتمع فقهاؤهم على تأليفهما ، وهما ( المِشْنا ، والتلمود ) .فأما المِشْنا ، فهو الكتاب الأصغر ، وحجمه نحو ثمانمائة ورقة .وأما التلمود ، فهو الكتاب الأكبر ، ومبلغه نحو نصف حمل بَغْلٍ لكثرته ، ولم يكن الفقهاء الذين ألّفوه ، في عصر واحد ، وإنما ألّفوه في جيل بعد جيل .فلما نظر المتأخرون منهم إلى هذا التأليف ، وأنه كلما مرّ عليه جيل زادوا فيه ، وأن في هذه الزيادات المتأخرة ما يناقض أوائل هذا التأليف ، علموا أنهم إذا لم يقطعوا ذلك ويمنعوا من الزيادة فيه ، أدى إلى الخلل الظاهر والمتناقض الفاحش، فقطعوا الزيادة فيه ، ومنعوا من ذلك ، وحظروا على الفقهاء الزيادة فيه ، وإضافة شيء آخر إليه ، وحرّموا من يضيف إليه شيئاً آخر ، فوقف على ذلك المقدار )) () .ثم قال أيضاً : (( ثم إن اليهود فرقتان : إحداها : عرفت أن أولئك السلف الذين ألّفوا ( المشنا ) و( التلمود ) وهم فقهاء اليهود ، قوم كذّابون على الله تعالى وعلى موسى النبي ( عليه السلام) ، أصحاب حماقات ورقاعات هائلة !! من ذلك ، أن أكثر مسائل فقههم ومذهبهم يختلفون فيها ، ويزعمون أن الفقهاء كانوا إذا اختلفوا في كل واحدة من هذه المسائل ، يوحي الله إليه بصوت يسمعه جمهورهم ، يقول : ( الحق في هذه المسألة مع الفقيه فلان ) ، وهم يسمون هذا الصوت ( بث قول ) )) () .أما عن تلمود أورشليم ، فيقول محرر دائرة المعارف اليهودية العامة :(( النص الحالي لتلمود فلسطين في حالة فاسدة جداً ، والنساخ الذين نقلوه لم يترددوا في تصحيحه كلما وجدوا أن المعنى بعيد عن إدراكهم ، وقد تكرّر وقوع ذلك كثيراً بسبب أسلوب التلمود البليغ ، وبسبب لغة النص غير المألوفة. ومشكلة النص هذه أدت إلى زيادة هذه الأخطاء ، التي يقع فيها النساخ ، مثل وقوع التباس بين حروف متشابهة ، وحذف حروف ، وترك سطور ، وإساءة فهم الرموز )) () .وتلمود فلسطين مكتوب بالعبرية أو الآرامية الغربية ، ويشمل على ما يقرب من 750.000 كلمة ، 15 بالمائة منها هاجّادا Haggadah ، أي القصص والحكايات اليهودية ، وهذه القصص الخرافية هي أساس الإسرائيليات() .ومما يدلنا أيضاً على زيف التلمود وتزويره ، اختلاف اليهود فيما بينهم على قداسته ، بل إنكار طوائف كثيرة منهم قديماً وحديثاً لكتاب التلمود ، ومن تلك الطوائف والفرق اليهودية .- فرقة القرائين() ، حيث يقول شاهين مكاريوس عنهم : (( وفي القرن الثامن بعد الميلاد قام أحد العلماء في بغداد وتبعه فرقة رفضت التلمود ، واكتفت بما في التوراة بغير تفسير ، وهذه الفرقة تسمى اليهود القرائين )) () .- ومنها فرقة السامريين ، ويقول عنهم شاهين مكاريوس :(( والسامرة يتمسكون بالتوراة ويرفضون التقليد ( يعني التلمود ) ، وقد بقي منهم إلى عصرنا الحاضر نحو ثلاثمئة ، وهم في نابلس )) () .- ومنها فرقة الصدوقيين ، وعنهم يقول شاهين : (( هم أشراف اليهود ورجال الكهنوت منهم ، واتخذوا لقبهم من اسم زعيمهم صدوق الكاهن الذي عاش في القرن الثالث الميلادي ، وقد كان الفريسيون() غير راضين عنه لاعتقادهم أن أفكاره مضادة للتوراة ، وكان له زميل اسمه (بينوس) قام بفرق أخرى ، وعلّم بالاكتفاء بما في التوراة وعدم الالتفات إلى التلمود )) () .- ومنها فرقة الأصبهانيين ( العيسويين ) () ، وفرقة البنيامينيين() ، وغيرهم() .وأما عن متن التلمود ومحتوياته ، فتكفينا الإشارة أيضاً إلى بعض مبادئ التلمود وتعاليمه الباطلة التي يتبين منها أن التلمود ليس وحياً من عند الله عز وجل ؛ لأن الله تبارك وتعالى يأمر بالعدل والإحسان ، ولا يأمر بالفحشاء والمنكر والبغي .- بعض مبادئ التلمود وتعاليمه الفاسدة:1- الاستهزاء بالله -عز وجل- ووصفه بالنقائص وصفات العيب والتجسيم والعنصرية.2- شتم المسيح عليه الصلاة والسلام وسبّه وأمّه مريم عليها السلام بأقبح السباب وأقذع الشتائم وأشنع الأوصاف .3- استعلاء الشعب اليهودي وتفوقه وبأنهم أبناء الله وأحباؤه ، 4- وأن الدنيا خلقت لهم .5- أن من عدا اليهود من البشر حيوانات خلقهم الله في صورة البشر لأجل خدمة اليهود ويسمونهم بـ(الجوييم) أو (الأمميين).الحقد والكراهية لجميع الأميين.6- إباحة الربا الفاحش مع غير اليهود بل استحبابه والحث والتجربة7- جواز التعامل بالغش والخداع مع الأمميين (غير اليهود) والحث على إلحاق الأذى بهم والسرقة منهم وغير ذلك من القبائح والمفاسد التي يجوز فعلها مع الأمميين ولا يجوز فعلها مع اليهود.8- لا ينبغي لليهودي أن يرد الأشياء التي يفقدها الأجانب (غير اليهود)، 9- ولا يجوز للطبيب اليهودي أن يعالج الأجانب إلا بقصد الحصول على المال أو للتمرن على المهنة.10- من يتجرأ على الاعتداء على اليهودي فإن مصيره القتل، 11- وأي يهودي يشهد ضد يهودي آخر أمام أجنبي ولصالحه فإنه يلعن ويسب فيه علانية أمام اليهود.12- ينتظرون مسيحاً مخلصاً في آخر الزمان من نسل داود يقيم مملكة اليهود ويعز دينهم ويذل ويبيد أعداءهم.13- لا قيمة للعهود والمواثيق والأيمان عند اليهودي مع الأجنبي (الأممي)، 14- ولليهودي أن يتحرر منها متى شاء.15- لا قيمة لأعراض غير اليهود ، 16- فلليهود الحق في اغتصاب النساء غير اليهوديات ، 17- وليس للمرأة اليهودية أن تبدي أية شكوى إذا زنا زوجها بأجنبية ( غير يهودية ) ، 18- كما أن اللواط بالزوجة جائز لليهودي .19- أن السلطة في الأرض لليهود، 20- وعليهم أن يبذلوا جهدهم في سبيل ذلك بشتى الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة.21- طرق استخدام السحر وتعاليمه().تلك بعض تعليمات التلمود الخطيرة على الإسلام والناس جميعاً، لذلك قال د.باركلي: بعض أقوال التلمود مغال، وبعضها كريه، وبعضها الآخر كفر، ولكنها تشكل في صورتها المخلوطة أثراً غير عادي للجهد الإنساني وللعقل الإنساني وللحماقة الإنسانية

نقله لكم اخوكم نو مور 100100

ليست هناك تعليقات: